Page 98 - alamn
P. 98

‫الأمن البيئي‬                                      ‫موضوع العدد‬

‫فـــي جميع أنحـــاء العالم النامـــي ُمهددين‬       ‫الدوليين‪ ،‬ومن بيـــن الجهات والمنظمات‬                  ‫مبررات أمننة قضايا التغير المناخي‬
‫بالتصحر الشـــديد‪ ،‬ويعانـــي (‪ 550‬مليون‬            ‫الفاعلـــة والرئيســـة‪ ،‬التـــي لهـــا دور فـــي‬  ‫بالنظر إلـــى التداعيات الأمنيـــة المذكورة‬
‫شـــخص) علـــى الأقـــل من نقـــص مزمن‬             ‫تنسيق اســـتجابة عالمية للمخاطر الأمنية‬           ‫أعـــاه‪ُ ،‬ينظـــر إلـــى تغيـــر المنـــاخ بشـــكل‬
                                                   ‫المرتبطة بالتغيـــر المناخي‪ ،‬تقف «الأمم‬           ‫متزايـــد علـــى أنـــه مصـــدر مـــن مصـــادر‬
          ‫فـــي الميـــاه الصالحة للشـــرب‪.‬‬        ‫المتحـــدة» في الصدارة‪ ،‬لا ســـيما أمانتها‬        ‫تهديـــد أمـــن الـــدول والأقاليـــم‪ ،‬وكواحد‬
‫وبالرغـــم مـــن عـــدم وضـــوح ملامـــح‬           ‫ومجلـــس الأمن‪ .‬ومن شـــأن نقـــل عملية‬           ‫مـــن أكثـــر التهديـــدات المحتملـــة علـــى‬
‫وأبعـــاد مشـــكلة اللاجئيـــن البيئيين‪ ،‬فإنه‬      ‫صنـــع القـــرار بشـــأن التغيـــر المناخي إلى‬    ‫الأمـــن العالمـــي فـــي القـــرن الحالـــي‪.‬‬
‫يمكـــن الإشـــارة إلـــى أن هنـــاك مجـــا ًل‬     ‫مجلس الأمن‪ ،‬أن يشـــكل تدابير استثنائية‬           ‫فممـــا لا شـــك فيـــه أن نـــدرة المـــوارد‪،‬‬
‫كبيـــ ًرا للسياســـات الوقائيـــة‪ ،‬بهـــدف‬        ‫تتجاوز السياســـات العادية‪ ،‬وذلك بسبب‬             ‫والتحولات الســـكانية الهائلـــة‪ ،‬والكوارث‬
‫تقليـــل الحاجـــة إلـــى الهجـــرة مـــن خـــال‬                                                     ‫الطبيعيـــة‪ ،‬وانتشـــار الأوبئـــة والأمراض‬
‫ضمـــان ســـبل العيـــش المقبولـــة فـــي‬           ‫ســـلطات الإنفـــاذ الممنوحـــة للمجلس‪.‬‬          ‫المعديـــة‪ ،‬والجفـــاف‪ ،‬وارتفاع منســـوب‬
‫الأوطـــان الأصليـــة‪ ،‬وتوفير الحـــد الأدنى‬       ‫الخلاصـــة هنـــا‪ ،‬أن أمننة التغيـــر المناخي‬     ‫ميـــاه البحـــر‪ ،‬والاحتبـــاس الحـــراري‪ ،‬هي‬
‫مـــن مســـتويات الأمـــن البيئـــي‪ ،‬والدول‬        ‫واعتبـــاره أحد الشـــواغل الأمنية‪ ،‬يمكن أن‬       ‫بعض العواقب المتوقعـــة لتغير المناخ‪،‬‬
‫هنـــا بحاجـــة إلـــى توســـيع مقاربتهـــا تجاه‬   ‫تـــؤدي إلى رفـــع الأولوية السياســـية التي‬      ‫وأي منهـــا يمكـــن أن يدفـــع العالـــم نحـــو‬
‫اللاجئيـــن بشـــكل عام‪ ،‬لتشـــمل اللاجئين‬         ‫توضـــع لهذه المشـــكلة علـــى الصعيدين‬           ‫الصراعـــات وعـــدم الاســـتقرار‪ ،‬بجانـــب‬
                                                   ‫القومـــي والعالمـــي‪ ،‬وقـــد يكـــون لذلـــك‬     ‫الآثـــار المحتملـــة علـــى الأمن الإنســـاني‬
                 ‫البيئييـــن بشـــكل خـــاص‪.‬‬       ‫آثـــار مختلفة بســـبب الوصول إلـــى تقدير‬
‫وربمـــا يكـــون الأهـــم مـــن ذلـــك‪ ،‬أنـــه لا‬  ‫مشترك ومتناســـب للتهديدات المتزايدة‬                                       ‫والأمـــن القومـــي‪.‬‬
                                                   ‫والوشيكة التي يشـــكلها تغير المناخ على‬           ‫وبناء على ما ســـبق‪ ،‬أشـــار أنصار مدرسة‬
                                                   ‫أمن جميع الـــدول والجماعـــات والأفراد‪.‬‬          ‫كوبنهاغـــن للدراســـات الأمنيـــة إلـــى‬
                                                                                                     ‫ضـــرورة «أمننـــة البيئـــة» (‪securitizing‬‬
                                                                             ‫اللاجئون البيئيون‬       ‫‪ ،)environment‬ويعنـــي هـــذا أن يتـــم‬
                                                   ‫مـــن الظواهر الجديـــدة التي بـــرزت نتيجة‬       ‫التعامـــل مع البيئـــة ومختلـــف قضاياها‬
                                                   ‫تدهـــور مســـتويات الأمـــن البيئـــي فـــي‬      ‫ومشـــكلاتها باعتبارهـــا تحمـــل تهديـــ ًدا‬
                                                   ‫بعـــض الدول‪ ،‬مـــا أطلق عليـــه مصطلح‬            ‫لأمـــن الدولـــة القومـــي واســـتقرارها‪،‬‬
                                                   ‫«اللاجئـــون البيئيـــون» (‪environmental‬‬
                                                   ‫‪ )refugees‬وهم هؤلاء الأشخاص الذين‬                                          ‫وأمـــن مواطنيهـــا‪.‬‬
                                                   ‫لم يعـــودوا قادريـــن على الحياة وكســـب‬         ‫وتحـــاول الأدبيـــات المتزايدة حـــول أمننة‬
                                                   ‫العيش الآمـــن في مناطقهـــم الجغرافية‬            ‫البيئة‪ ،‬تقديم إجابات عن الســـؤال التالي‪:‬‬
                                                   ‫أو أوطانهم‪ ،‬بســـبب المشكلات البيئية‪،‬‬             ‫متـــى يمكننا أن نعـــرف أن قضية ما تمت‬
                                                   ‫مثـــل‪ :‬الجفـــاف‪ ،‬أو تآكل التربـــة والتصحر‬      ‫أمننتها بالكامل؟ وفي هذا الســـياق‪ ،‬من‬
                                                   ‫وإزالـــة الغابـــات وغيرهـــا من مشـــكلات‬       ‫الشـــائع أنه بمجرد إضفـــاء الطابع الأمني‬
                                                   ‫البيئـــة والتغيـــر المناخـــي‪ ،‬يشـــعر هؤلاء‬    ‫علـــى قضيـــة ما بنجـــاح‪ ،‬فإنهـــا تخرج من‬
                                                   ‫الأشـــخاص أنـــه لا بديـــل أمامهم ســـوى‬        ‫مجـــال السياســـة العادية‪ ،‬ليتـــم التعامل‬
                                                   ‫البحـــث عن مـــاذ في مـــكان آخر‪ ،‬ســـواء‬        ‫معهـــا كقضية طارئـــة واســـتثنائية ترتبط‬
                                                                                                     ‫بأمـــن الدولـــة‪ ،‬ويتـــم تطبيـــق القواعـــد‬
                                                              ‫أكان داخـــل وطنهـــم أم خارجه‪.‬‬        ‫والإجـــراءات الاســـتثنائية فـــي التعامـــل‬
                                                   ‫ففـــي عـــام (‪1995‬م) بلـــغ عـــدد اللاجئين‬      ‫معهـــا‪ .‬أمـــا علـــى المســـتوى العالمـــي‪،‬‬
                                                   ‫البيئييـــن (‪ 25‬مليـــون) شـــخص علـــى‬           ‫فتســـتلزم الأمننـــة الكاملة نقـــل القضية‬
                                                   ‫الأقـــل‪ ،‬مقارنـــة بــــ (‪ 27‬مليـــون) لاجـــئ‬   ‫مـــن خـــارج ســـياق المعاهـــدات العاديـــة‪،‬‬
                                                   ‫تقليدي (الأشـــخاص الذين يفرون بسبب‬               ‫إلـــى الهيئـــة أو المنظمـــة المســـؤولة‬
                                                   ‫الاضطهـــاد السياســـي أو الدينـــي أو‬            ‫بشـــكل مباشـــر عن صون الســـلم والأمن‬
                                                   ‫الاضطرابـــات العرقيـــة)‪ .‬وبخـــاف ذلك‪،‬‬
                                                   ‫يوجـــد (‪ 135‬مليون شـــخص) منتشـــرين‬

                                                                                                     ‫‪98‬‬
   93   94   95   96   97   98   99   100   101   102   103